Perambulation 02

رسالة من الناشرين

في العدد الافتتاحي، الذي يركز على منطقتنا في بلاد الشام، حاولت منصة "تطواف" إرساء الأُسس لما أردنا العمل عليه: وهو التفكير معاً إلى جانب فنانين وباحثين في موضوع الحدود مع التركيز على أطراف أوروبا، ولكن ليس باعتبارها بشكل كامل " العالم الآخر". في هذا الصدد، نطرح التساؤل التالي: ماذا يمكن أن تفعله بنا الحدود؟ وكيف يمكنها أن تعمل على تأريخ بعض الصراعات السياسية وتصويرها كأنها أبديّة وحتمية؟

 في النهاية، الطريقة التي نروي بها قصتنا لا تعكس كيفية رؤيتنا لأنفسنا فحسب، بل وما يمكن أن نصبح عليه في النهاية.
 يقع اليونان الحديث في قلب هذه المفارقة، أحياناً بصفته الوريث وأحيانًا أخرى الوالد البديل للثقافة الكلاسيكية التي أنجبت فكرة أوروبا. لكن سيكون من الإجحاف تعريف هذا البلد فقط من خلال الاستعمار المشفر، لأنه يُعتبر كذلك منطقة غنية لتاريخ من عمليات النقل والتحولات، والثورات، والتجديد، والفشل. إن المنطقة الهيلينية، من الشرق الأوسط إلى البحر الأسود، هي في الحقيقة أكبر من مساحة اليونان نفسه.

في العدد الثاني من "تطواف"، نلقي نظرة على حدود اليونان البعيدة ومن وجهات نظر متنوعة وغير تقليدية. كتب المحرر المشارك آري أمايا أكرمانس عن مشروع "البرج" أنه مشروع للفنان اليوناني فانجليس فلاهوس، تم تقديمه في اسطنبول وسالونيك. ذكر آري أن هذا العمل يوثق الرحلة الخيالية للعبّارة التي كانت تعمل بين اليونان وسوريا في سياق الاتفاقيات التجارية من الثمانينيات، والتي توقفت لاحقًا بسبب الاضطرابات السياسية. وبما أن الحدود غير مستقرة تاريخيًا ومسامية بمعنى أنها سهلة الاختراق، تعرض مقالة الفنانة اللبنانية لمياء جريج "أوقات غير يقينية" أبحاث لمياء الأرشيفية عن لبنان وفلسطين خلال أواخر الإمبراطورية العثمانية، واليوميات الرائعة للجندي العثماني إحسان ترجمان. تقدم لنا هذه الفنانة صورة حية للفوضى التي سادت في المنطقة الأكبر قبل فترة وجيزة من قيام تركيا الحديثة، هذه الفوضى التي غيّرت المشهد الديموغرافي لليونان والشرق الأوسط إلى الأبد.

 ننتقل سريعًا إلى الوقت الحاضر، فتكتب الناقدة الفنية كاثرين دريك التي تتخذ من أثينا مقراً لها، عن أعمال الفنانة القبرصية فيكي بريكليوس، وتؤرخ لحالات النزوح والانقسام بين الشمال والجنوب في جزيرة قبرص، والتقلبات العاطفية للحدود التي فرضها الاحتلال. متأرجحاً في الزمن ذهابًا وإيابًا، يأخذنا أمين المتحف الروسي ياروسلاف فولوفود، من شبه جزيرة القرم إلى الدائرة القطبية الشمالية في مقالٍ على شكل سيرته الذاتية. يحدثنا من خلال هذه السيرة عن رحلات اليونانيين السوفييت ومحاولات البحث عن الهوية والعصور القديمة، فيغطي بمقالته هذه منطقة باتت ترزح اليوم تحت شبح الحرب. تدعو منصة "تطواف" للحديث عن كلِّ من هذه القضايا فنانًا معاصرًا من المنطقة المحيطة ليطلعنا على نشاطاته وأبحاثه في الاستوديو الخاص به. مثلاً هيرا بويوكتاشيان، هي فنانة يونانية أرمنية من إسطنبول، تدعونا للتنزه حول الجدار البيزنطي للمدينة وإلقاء نظرة على بحثها عن الشظايا المعمارية.


كارينا الحلو وآري أمايا أكرمان

Next
Next

خطّ هيلاس-سوريا إكسبريس